في صحيح ابن حبان ان النبي صلى الله عليه وسلم مر على شاب يسلخ شاة ولَم يكن يُحسن السلخ ، فحاد اليه فقال له (تنح حتى أُريَك فإني اراك لا تُحسن السلخ) فأدخل يده بين الجلد واللحم فدَحس بها حتى توارت الى الإبط ثم قال صلى الله عليه وسلم (هكذا يا غلام فاسلخ) ثم انطلق
درس عملي في القيادة .. للتأمل واستلهام الدروس
أولا اشكر كل من قرأ واثنى وشارك بفكره هنا .. وأود ان أشارككم ما الذي اعجبني وأدهشني في هذه القصة لما قرأتها
١. حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هداية الناس وإرشادهم لكل ما ينفعهم حتى أمورهم الحياتية البسيطة مثل سلخ الشاه. وهذا شأن القائد الحقيقي فهمه الأول هو نفع الآخرين وعونهم على تنمية فكرهم وأسلوب عملهم وتعليمهم كي تنمو مهارتهم وتصلح ثمرة أعمالهم
٢. استغلال الفرص كلما لاحت للتوجيه والتعليم والتدريب فالنبي صلى الله عليه وسلم حاد عن طريقه كي يستغل هذه الفرصة التعليمية لتوجيه الغلام وتعليمه وهذا شان القيادة الراشدة فكل تواصل معها هو تنمية وتعليم وشحذٌ للهمة والفكر والمهارة
٣. تأملوا في الأسلوب والخطوات فاولا تدخل عندما كانت هناك حاجة ، ثانيا اوضح له ما يريد القيام به ولماذا وثالثا قدم له عرضا عمليا يوضح الطريقة الصحيحة الفعالة لإنجاز العمل رابعا قال له (هكذا يا غلام فاسلخ) في عبارة مختصرة هادئة ومحفزة للمبادرة للتطبيق وهو القيمة الحقيقية للمعرفة، وأخيرا انطلق وودعه كي يتابع المهمة ويباشر عمله باتباع الطريقة الجديدة الصحيحة التي علمه إياها .. منهج عملي راقي في التنمية البشرية بصورة عملية تراعي النفسية البشرية في ارقى أسلوب
٤. التدريب الخاص وهو ما يسميه أهل التنمية البشرية ب (الكوتشنج والمنتورينج) وهو من امثل الأساليب التنموية للإنسان .. على مدار تاريخ البشرية هكذا ربي العلماء والقادة علماء وقادة للبشرية .. هكذا ربى الآباء والأمهات اولادهم وبناتهم ، ليست المحاضرات المنمقة بل الممارسة والمشاركة والمشاهدة والتطبيق المباشر. الكثير من الشركات والمنظمات تنفق الملايين على برامج تدريبية لا يبالي مدراء من حضروها عنها ولا يتابعون الموظفين في تطبيق دروسها فتذهب معارفها سدىً. القائد الحقيقي هو المعلم الأول ويوفر للناس فرص التعلم المستمر كي تبقى الأذهان متفتحة والأفكار متدفقة والهمم عالية ، ولكن للأسف الكثير من المدراء والتنفيذيين همهم يدور حول الإنتاج والأرقام والتقارير وليس ان يبني الموظفين ويجعل منهم أعضاء منتجين يشاركون بفعالية في التفكير في المشاكل الحالية والمتوقعة وبذل الجهد في الحلول والتطوير وهذا يحتاج ثقافة تعلّم مستمر تجري في عروق المنظمة سواءا كانت ربحية او غير ربحية
٥. امر اخير لفت نظري وهو ان هذا الحرص النبوي في تعليم الغلام وتربيته وإرشاده تعلق بأمر حياتي خاص بالغلام ربما لا علاقة له بأمر الدولة او الشأن العام ومع ذلك اهتم الحبيب المصطفى لأمره فحاد عن طريقه كي لا يفوّت هذا الفرصة التنموية في حياة الغلام وكلي يقين ان ما تعلمه الغلام لا يقف عند حدود مسالة سلخ الشاة بل يتعداه لكل ما سبق بيانه وهذه هي التربية بالأحداث، دروسها أعمق في النفس وابلغ في بناء شخصيات منتجة قيادية تعلمت القيادة من سلوك القائد نفسه معايشةً وهذا انفع في التربية والتنمية
ادعوكم لقراءة السيرة النبوية بتأمل ومدارستها مع الآخرين كي تكون لنا منارا نهتدي به ومنهج حياة للتغيير النافع للعالمين
No comments:
Post a Comment